mercredi 31 mars 2010

المشي على الجمر


المشي على الجمر
(يكتبها على حلقات : محمد بن سالم بن عمر)
بسم الله الرحمان الرحيم
1 رمضان 1429هـ/1سبتمبر2008

أنا الآن موجود على حافة بئر بحقل على مشارف واد يقع بشمال قريتي الساحلية الصغيرة الهادئة ، سيدي بوعلي ، من ولاية سوسة ، ...تحيط بي أشجار الزيتون من كل مكان .. الطقس جميل و ممتع .. و لا ينقصني إلا ابنتي شيماء ابنة العشر سنوات التي تعيش مع أمها ، السيدة آمال القوتالي بمدينة بنزرت ..؟! و ابني نصير الله ابن الثمانية أشهر... ؟! و الذي اضطررت لتركه مع أمه بمنزل بورقيبة السيدة بية بن جدو المقيمة بمنزل أختها السيدة نجاة و المقيمة بفرنسا. ؟!
لا أعرف السر في زواجي للمرة الثانية من ولاية بنزرت ؟!
ابتدأت قصتي مع مدينة بنزرت لما نقلت من مدينة شربان من ولاية المهدية للعمل بخطة مدير دار ثقافة هناك . ؟!
عرفت زوجتي الأولى السيدة آمال صدفة في شهر جوان من سنة 1993 لما كانت تمر بالقرب من دار الثقافة الشيخ إدريس ... كانت السيدة آمال تكبرني بحوالي العشر سنوات ...صارت تلازمني كظلها منذ أن تعارفنا .. صارحتني بعمرها منذ البداية .. أبدت لي كثيرا من المحبة و التقدير و الإحترام و الحنان .... حذرتني من بنات مدينتها ؟!قالت لي إنهن لعوبات ... و خطرات... تلقائيتها جذبتني إليها رغم بدانتها ... قالت إنها يتيمة الأم منذ صغرها و أنها تعتبر نفسها في عداد الأموات منذ فقدها لأمها و لذلك كانت كلما غضبت صبت جام غضبها في الأكل ...حتى صارت بهذا الشكل ؟! قلت لها لا يهمني الشكل و العمر كثيرا مادام بين جنبيك قلب طيب و حنون ...!?

كنت أمر بظروف صعبة للغاية ... : مهنية و أسرية...إذ نقلت من إدارة دار الثقافة بشربان إلى دار الثقافة ببنزرت ؟! أين صرت عمليا بلا عمل . ؟!كانت النقلة تخفي تهديدا بطردي من العمل ؟! لأنه قد بلغ إلى مسامع المشرفين على حظوظ إدارة التنشيط الثقافي بوزارة الثقافة : أني كنت " عضوا نشيطا بحزب التحرير الإسلامي عندما كنت أزاول تعليمي بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي؟! " هذا ما أبلغ به السيد بوبكر بن فرج مدير إدارة التنشيط الثقافي السيد منجي بوسنينة وزير الثقافة ؟!
كما كنت أعيش صداما مربكا مع والدتي عيادة بن خليفة ؟!بل و مع جل أفراد أسرتي و خاصة أخوي سمير و فرج ... بسبب توجهاتي واختياراتي الفكرية و الدينية ... منذ صغري ، و قد ازدادت حدة هذه الصراعات مع تقدمي في السن و تخرجي ؟!
إن حاجتي للسيدة آمال دفعتني للتعجيل بخطبتها من أبيها السيد عمر القوتالي ، الشرطي المتقاعد . أقنعت أمي و أختي نرجس بخطبتها فاستجابتا لي في الظاهر... ؟!لكن بعد مغادرتنا لمنزل آل عمر لحقت بنا خطيبتي و أعلمتنا بأن أباها قد غير رأيه بسبب ما ورد من كلام جارح قالته أمي له عندما طلبت يد ابنته ... ؟!
عادت أمي و أختي إلى قرية سيدي بوعلي بعدما أفسدتا علاقتي بآل عمر ... لكن علاقتي بخطيبتي استمرت بدون علم أبيها مما سبب لها مشاكل معه .... ثم أعلمتني أنها غادرت منزل والدها إلى مدينة الكرم و أنها أقامت مع خالتها ... ؟!و قد تبين لي فيما بعد أنها تقبع في منزل عرافة تدعى "سيدة البجاوي"؟!فبدأ الشك يساورني في سيرة خطيبتي ... رافضا سلوكها هذا مهما كانت المبررات. و هددتها بقطع علاقتي بها ... ثم نفذت تهديدي لها رافضا أي لقاء معها ..... ؟! يتبع
-----------------

بعد ثلاثة أشهر من انقطاع علاقتي بخطيبتي ، قدمت آمال إلى دار الثقافة، صحبة امرأة زعمت أنها الصديقة المقربة للمرحومة أمها ؟! فاستأذنت من الإدارة و أخذتهما إلى مطعم مجاور لدار الثقافة، ثم إلى منزلي ... و قد حرصتا على إقناعي بالذهاب معهما إلى منزل هذه السيدة بالكرم ، استعداد لعقد قراني على خطيبتي آمال بدون علم أبيها ، و قد استطاعت سيدة البجاوي من الحصول على شهادة طبية لي من مستشفى حكومي ب 12 يوم حتى يتسنى لي كتابة عقد القران و المكوث فترة هامة للراحة و الإستجمام بمدينة الكرم البحرية ؟! و فاجأتني الإدارة بنقلي للعمل بمثل خطتي بالمندوبية الجهوية للثقافة بسيدي بوزيد بحجة التغيب عن العمل بدون إعلام الإدارة . ؟!
في شهر جانفي من عام 1994 وضعتني المندوبية على ذمة المركب الثقافي أبو بكر القمودي .... ؟! بدا لي مدير المركب الثقافي السيد الحناشي رجلا عجوزا جاهلا لأبسط أبجديات التنشيط الثقافي .. كان النشاط الوحيد الموجود بالدار ، حضور بعض أفراد فرقة شعبية و راقصات أميات .. سعت إحداهن إلى مراودتي عن نفسي منذ تعارفنا ؟!
بدأت بتكوين ناد يعنى بالإبداع الأدبي و الشعر ... لكن المدير سعى منذ البداية إلى عرقلة نشاطي ؟! " فهو ابن التجمع و مهمته الأساس ، معاقبتي و تكبيل كل أنشطتي لأن وزارة الثقافة تريد ذلك ؟!كما صرح لي أكثر من مرة .
نشرت في 24 مارس من عام 1994في الملحق الثقافي من جريدة الحرية مقالا تحت عنوان " أية ثقافة نريد ؟ دعوت فيه إلى عدم احتكار حب الوطن من قبل أي مجموعة أو حزب لأننا كلنا نشترك في عشق تونس مهما باعدت بيننا الأفكار و المسافات "1(راجع المقال في كتاب : نقد الإستبداد الشرقي عند الكواكبي و أثر التنوير فيه + مشروع بناء حضارة بديلة الصادر عن المطبعة العصرية بتونس 2009 )
صرت أعيش فراغا مهنيا رهيبا بفعل الحصار المضروب علي من قبل السيد الحناشي انضاف إليه فراغا عاطفيا .. فقررت في شهر أفريل من عام 1994 البناء بزوجتي آمال التي كنت قد عقدت عليها منذ شهر أكتوبر من عام 1993 رغم شدة الاختلافات بيننا .
ابتدأت علاقتي بالكتابة منذ كان عمري 16 سنة .. كنت أحبر المقالات و أقرأها على بعض زملاء الدراسة ... و كثيرا ما كنت أشارك في المسابقات الدينية و المدرسية بولاية سوسة...أو أبلغ محتواها إلى التلاميذ و الأساتذة بالفصل ... كما كنت أحظى بأحسن الأعداد في طرق موضوعات الإنشاء في اللغة العربية و التربية الإسلامية و التربية المدنية و التاريخ و الجغرافيا و الفلسفة ... و لا أزال أذكر أن موضوعي في امتحان "السيزيام " قد تفوق على كل المواضيع بالمدرسة الإبتدائية ابن خلدون .. مما جلب لي الإحترام و التقدير من قبل كل المعلمين و الأساتذة الأجلاء الذين درسوني . و قد تجرأ أستاذي حافظ بن شلبية في مادة التربية الإسلامية على منحي 20/20 في موضوع يعنى بالبرهنة على وجود الله و ادخر لي 2 ليضيفها لي في مناسبة قادمة .. للتدليل على إعجابه بما أكتب .
كنت فصيحا و لا أزال باللغة العربية، إذ تمكنت من حفظ القرآن منذ كان عمري 5 سنوات... فقد توفي والدي عام 1973 و أدخلني خالي عبد الرزاق بكار كتاب الحي ... و تواصلت عنايتي بحفظ القرآن و تفسيره ... وأثناء دراستي بالسنة الخامسة من التعليم الثانوي توليت تحفيظ القرآن لثلة من بنات قريتي و فتيانها بمقام الولي الصالح " سيدي بوعلي " .
ابتدأت علاقتي بالحركة الإسلامية " حركة الإتجاه الإسلامي "بسبب ترددي على مسجد القرية الوحيد . فقد كان بعض أتباع هذه الحركة يلقون دروسا من حين لآخر ... و كنت أكلف من قبل السيد جمال بالمشاركة ببعض المقالات في حلقات دروسهم... عمدة سيدي بوعلي " المنجي بن حسين " هو ابن أخي من الأب : خميس ، كانت السلط المحلية تكلفه بإبلاغي و تحذيري من مغبة الطريق الذي أسلكه ، حتى أنه اقترح علي بعد نجاحي في امتحان الباكالوريا بالتوسط لي للإلتحاق بسلك الأمن الوطني ... لكني رفضت رفضا قاطعا لنيتي مواصلة تعلمي .
كنت متابعا نهما لكل ما يصدر عن حركة الإتجاه الإسلامي من كتب و مقالات في مجلة المعرفة ... إلا أن خطاب الحركة بعد الصراع المرير الذي خاضته الحركة عام 1987 قد صدمني بعنف ... فقد أمضت على ما سمي بالميثاق الوطني بين كل مكونات المجتمع المدني. ؟! كما وافقت على مضمون مجلة الأحوال الشخصية .. معتبرة أنه يندرج في إطار الإجتهاد الإسلامي ؟! منذ ذلك الحين بدأت في البحث عن بديل فكري .. لأني قد اعتبرتها قد تنازلت عما كنت اعتقده " ثوابت إسلامية "... و كانت الفرصة مواتية لي للإطلاع على أفكار حزب التحرير الإسلامي بعد التحاقي بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي بالعاصمة .
منذ سنواتي الأولى بالتعليم الثانوي كانت تصلني بانتظام ثلاث مجلات إسلامية ، هي :"الأمة ، و "المنار الإسلامي ، و الوعي الإسلامي .. وهي مجلات يشارك في كتابتها كتاب إسلاميون من كافة انحاء العالم الإسلامي ... ثم أضفت إلى مطالعاتي مجلة " المجلة العربية " و " مجلة الفيصل و مجلة " المنهل الأدبية " ...
كنت و لا أزال مطالعا نهما لكل ما يكتب حول الإسلام كدين و كنظام حياة ... و قد حاولت أن أتطرق منذ بداية الكتابة إلى كل المواضيع الحياتية و الفلسفية من منظار إسلامي ...كما حاولت الإجابة عن الأسئلة التي تؤرقني ... كما طالعت لجل الكتاب الإسلاميين مهما كانت انتماءاتهم الحزبية بدءا بالسيد قطب و عماد الدين خليل و سعيد حوى ووحيد الدين يكن و محمد قطب و محمد عبده و جمال الدين الأفغاني و يوسف القرضاوي و محمد الغزالي و محمد عمارة و مالك بن نبي و جل فلاسفة الأنوار الغربيين و زعماء الإصلاح المسلمون ... أذكر أن أول كراس حبرته في شكل كتيب كان بعنوان : " طريقنا إلى بناء الحضارة " جمعت فيه خواطري لبلورة القوانين التي تتحكم في قيام الحضارات و انهيارها 2((راجع المقال في كتاب : نقد الإستبداد الشرقي عند الكواكبي و أثر التنوير فيه + مشروع بناء حضارة بديلة الصادر عن المطبعة العصرية بتونس 2009 )) وهو نفس المقال الذي حفزني لكتابة كراس تحت عنوان : "ضد ألظلامي حمة الهمامي " حاولت الرد فيه على كتابه : ضد الظلامية في الرد على الإتجاه الإسلامي ".
يبدو لي أن حركة الإتجاه الإسلامي قد ولدت كما يولد كل المواليد الجدد على الفطرة ، فنالت إعجاب كل الشباب المتطلعين لأن تعيش بلادنا على قوانين الفطرة الإلاهية حتى تحقق القوة و المناعة و الإزدهار و تنجو من حالة التخلف الحضاري التي يرزح تحتها كل المسلمين في العالم . لكن سعي قادتها لدخول المعترك السياسي القانوني بعد 7 نوفمبر 1987جعلها تتنجس بنجاسة أصحاب المصالح و الأغراض الدنيوية و تسقط في بركة من المياه الآسنة.. و تضحي بنقائها و طهرها و طهر القوانين الفطرية التي فطر الله الناس عليها ... مما أربكها في المضي قدما بالمشروع الإسلامي الذي خطته لنفسها منذ البداية .و هذا الإنحراف عن الإستمساك بالحق ، قد فرق شمل أفرادها و جلب مآسي و كوارث لأعضاء هذه الحركة لا تحصى و لا تعد تماشيا مع القانون الإلاهي الأزلي : " و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " على عكس ما يظن قادتها .
صيف 1990 أوقفتني الشرطة بتهمة الإنتماء إلى حزب التحرير الإسلامي ، و قد كنت وقتها أعمل بمخزن لبيع مواد البناء ... لكن الأعوان الذين منزلنا لم يجدوا ما يثبت اتهامهم لي ما عدا بعض المنشورات التي كان حزب التحرير يوزعها في مساجد العاصمة ، و قد أكدت لهم حصولي عليها بغرض الإطلاع على أفكار حزب التحرير لا غير ...و بعد بحث استمر 5 أيام أطلق سراحي دون محاكمة . و عدت لمواصلة تعلمي بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي .
في الحقيقة بهرتني أفكار حزب التحرير في البداية لتماسكها الظاهري ... لكن فكرة الخلافة و الخليفة الذي يحكم و يتبنى الأحكام و غيرها من الصلوحيات ... لم ترق لي ... و رأيت ان حزب التحرير الإسلامي – في آخر المطاف – يريد أن يستبدل استبداد الحكومات العربية و أنظمتها البوليسية بنظام أشد استبدادا و اخطر على مستقبل أمتنا الإسلامية ... و قد أبديت هذا الرأي في رسالة ختم الدروس بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي عام 1992 (راجع الرسالة في كتاب : نقد الإستبداد الشرقي عند الكواكبي و أثر التنوير فيه + مشروع بناء حضارة بديلة الصادر عن المطبعة العصرية بتونس 2009 ).
أواخر عام 1994 وصلتني برقية من وزارة الثقافة تعلمني فيها بإيقافي عن العمل و إيقاف مرتبي " من أجل تربص غير موفق "!?
جمعت حقائبي صحبة زوجتي و قصدنا قرية سيدي بوعلي ... فرفضت أمي استقبالنا في منزل والدي المرحوم سالم بن عمر!? ثم عثرنا على منزل متواضع أقمنا فيه .
في الحقيقة يعود قرار الطرد إلى أواخر عام 1993 إذ أوقفت عن العمل لمدة تزيد عن الشهر بحجة تغيبي عن العمل دون إشعار الإدارة !? و قد كنت بعثت بشهادة طبية إلى المندوبية الجهوية للثقافة ببنزرت .. لكن يبدو أن الإدارة رفضت سب الغياب فادعت أني لم أقم بإشعارها . انتهزت حينذاك فرصة إيقافي عن العمل و قصدت كتابة الشؤون المالية و وزارة الثقافة استوضح سبب إيقافي ، فمكنني الكاتب من ملفي فعثرت على وثيقة بالصدفة ضمن أوراق ملفي بعث بها مدير إدارة التنشيط السيد بوبكر بن فرج إلى السيد وزير الثقافة يعلمه فيها أنه بلغ إلى علمه أن السيد "محمد بن عمر كان عضوا نشيطا بحزب التحرير الإسلامي " لما كان طالبا بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي " فكان رد الوزير بخط يده على هامش هذه الوثيقة ، بضرورة أخذ الإجراءات اللازمة لإيقافي عن العمل !?استطعت أن أخرج من الوزارة بسرعة فائقة دون أن يلمحني الكاتب واستنسخت هذه الوثيقة الهامة ثم أرجعت ملفي إلى الكاتب الذي كان يظنني أمام مكتبه بصدد الإطلاع على ملفي ..
كانت هذه الوثيقة الهامة البرهان الساطع الذي تقدم به محامي السيد محمد علي الشريف لدى المحكمة الإدارية ضد وزارة الثقافة لإلغاء قرار الطرد التعسفي . و قد صدر الحكم عام 1998 و قد رفضت الوزارة الإستجابة لقرار المحكمة بحجة أنه يتعذر تنفيذه !?
عملت مدرسا خصوصيا لبعض أقسام الإبتدائي بقرية سيدي بوعلي ، وانتقلت زوجتي للتدريس بالفرادى من معتمدية النفيضة ... لم تسعنا الحياة بسيدي بوعلي بسبب كثرة المشاكل العائلية التي تلاحقنا من قبل أمي ... فخيرنا الإنتقال إلى مدينة حمام الأنف ، أين عملت بالشركة التونسية للنقل البري ببن عروس و عملت زوجتي مدرسة بمدرسة بوصفارة بحمام الأنف ... واستطعت تأليف أول كتاب لي و إصداره عام 1995 و كان بعنوان : اللسان العربي و تحديات التخلف الحضاري في الوطن العربي الإسلامي .(راجع الكتاب الصادر عن المطبعة العصرية بتونس عام 1995).
إن إقامتي بمدينة حمام الأنف سهل لي التواصل مع عديد الصحف الوطنية ... كما نشرت أول مقال لي بصحيفة القدس العربي و كان بعنوان: حياة أنعام (راجع المقال ص ).
ثم تتالت كتاباتي بهذه الصحيفة الغراء .. و بعض الصحف و المجلات العربية .
تحمست السيدة آمال في البداية للأفكار التي كنت أكتبها و شجعتني كثيرا على الكتابة و حضور المهرجانات الثقافية التي كان يقيمها التجمع الدستوري الديمقراطي مختلف جهات الجمهورية ... لكن خضوعها لضغوطات كثيرة من قبل بعض عضوات الإتحاد النسائي التي كانت تنتمي إليه ، و عدم رضا أبيها عن زيجتنا قد أثرت فيها بشدة حتى صارت تخشى على وظيفتها .
بدأت المشاكل تتسرب إلى حياتي مع زوجتي حتى صرنا نعيش جحيما لا يطاق .... فقررنا أواسط عام 1998الفراق الأبدي ، على إثر خصومة بسيطة بمدينة جرزونة ببنزرت التي كنا قد انتقلنا إليها لتونا ... و عملت هناك تاجرا متنقلا حتى أستطيع
تحمل كل المصاريف لوحدي بما فيها نفقة طليقتي و ابنتي شيماء المولودة حديثا . لقد كشفت طليقتي بعد انفصالنا عن شخصية رهيبة و قاسية عكس ما توسمته فيها، بل لا تزال تصرفاتها تربكني إلى اليوم. !?


------------------------
في الحقيقة بدأ صدامي مع السيدة آمال منذ بدايات تعارفنا ...فقد اكتشفت صدفة أنها تدخن بنهم كبير ، على إثر خروجها من مرحاض بدار الثقافة الشيخ إدريس ببنزرت ، أين كانت تختفي لتدخن "سيقارتها" خفية ، و قد حذرتها من تواصل هذه العادة السيئة ، و قلت لها لو علم أهلي بأني سأتزوج من مدخنة لظنوا تلقائيا أنك "فاسدة " من بنات المواخير ، هكذا يعتقد جل سكان قريتي الساحلية إلى اليوم ، كانت آمال تريني صور صديقاتها المحجبات لتوهمني أنها تتجه صوب ارتداء اللباس الشرعي الإسلامي !? لكني كنت أعتقد من خلال سلوكياتها أنها تكذب و أنها أصلا لا تصلي بالمنزل كما تزعم كلما ذكرتها بفريضة الصلاة ،كانت رأسها الكبيرة مليئة بالخرافات و المعتقدات الشركية الفاسدة ، "فجدها الأكبر سيدي البشير " كانت ترى أنه لو اشتريت لها ذهبا قبل دخولي بها سيحرق كل جهازها و يفسد حياتها معي عقابا لها على مخالفة تعاليمه !?
كما اكتشفت بعد كتابة عقد الزواج أن المرأة التي سهلت لنا كتابة عقد القران لم تكن سوى عرافة كانت تقصدها آمال لتبحث لها عن زوج و تسهل" مكتوبها "و قد نهبت منها مالا كثيرا مقابل خدماتها في اصطيادي !? كما اكتشفت أن هذه العرافة كانت ترسل لي رسائل كلامية عن طريق آمال للكشف عن توجهاتي الفكرية و انتماءاتي السياسية !? إن هذه المعطيات قد أدخلتني في حيرة وارتباك ... و ألقت بي في جحيم لا يطاق ، كان سببا في قطع علاقتي بها زمنا لكن الرقة التي كانت تبديها تجاهي و اعتذاراتها المتكررة و حاجتي الماسة إليها جعلتني أستجيب لدعوتها في الاقتران بها على أن تقطع صلتها نهائيا بـ"أمها سيدة " كما تناديها ، خاصة بعدما علمت بوسائلي الخاصة أن هذه السيدة تجمع في منزلها بالكرم ثلة من الشواذ جنسيا و تتوسط لبعض الأجانب – من ليبيا و تركيا .. – في عقد صفقات جنسية مع بناتنا و نسائنا... !?

كان لآمال ابن عم يدعى صالح من "جومين" ، و كان صالح هذا يزورهم من حين لآخر و يبيت عندهم في منزلهم الضيق ، فحذرتها بعد عقد قراني عليها من تركه يبيت بمنزلهم لأنه غير محرم ، و بعد نقلي إلى سيدي بوزيد هاتفتني زوجتي من بنزرت من مركز عمومي للهاتف ، و أ بلغتني أن ابن عمها يسلم علي وهو حاليا يتواجد معها ، فهالني الأمر و علمت أن زوجتي لا تحترم قراراتي ، فما كان مني إلا أن أرسلت لها مكتوبا أعلمها بضرورة انفصالنا لاستحالة تفاهمنا واختلافاتنا الجذرية في كل توجهاتنا الفكرية و الدينية ... و رجوتها أن نطلق بالتراضي قبل دخولي بها ... لكنها أصرت على تواصل علاقتنا و وعدتني أن لا تعصي لي أمرا مستقبلا.. ثم لحقت بي إلى مدينة سيدي بوزيد و تكبدت مشاق السفر و مخاطر الطريق و أمضت معي أسبوعا لتسترضيني ، مما جعلنا نتفق على إتمام مراسم الزواج في شهر أفريل من عام 1994، و قد استطاعت استرضاء أبيها للموافقة على إتمام مراسم الزواج بمنزله .
عجيب أمر هذه المرأة التي صارت زوجتي، فرغم كونها إطارا تربويا ... إلا أن الخرافات تملأ رأسها حتى أخمص قدميها !?
اعتقدت أن زواجي بها و إقامتنا بسيدي بوزيد سيصلح قليلا من سلوكياتها الشاذة و يرتقي بأفكارها الساذجة ، ... لكن شيئا من ذلك لم يتحقق ، حتى أن تلميذة تجرأت و قالت لي بمكتبي ، إنها قادرة على تنغيص حياة زوجتي إذا شاءت ذلك ... قالت لي هذا الكلام على خلفية حوارها مع زوجتي التي كانت تصر على زيارتي بالعمل كل يوم. فهي تتصرف و كأنها قد اختطفتني و تزوجتني غصبا ... قلت لها ذات مرة مازحا : إني قد تزوجت قبلها خمس مرات و لم ألاحظ على واحدة منهن غيرة ... فصدقت كلامي و ثارت ثائرتها و بقيت تنوح يوما كاملا. حلمت ذات ليلة أن جارتنا المطلقة نجاة بحمام الأنف قد مارست معي الجنس، فبقيت تعتقد بصحة حلمها إلى اليوم حتى بعد طلاقنا !? لم أكن أتصور قبل زواجي أن امرأة متعلمة بل إطارا تربويا يمكن أن تعشش برأسها الخرافات و السذاجة بهذا الشكل مطلقا. كلما خرجنا في نزهة يملؤني الحنق و الغضب على زوجتي بشكل فضيع حتى صرت أخشى على نفسي من الأمراض المزمنة التي يعاني منها جل التونسيين المتزوجين ... لقد استطاعت إرباك حياتي منذ تعارفنا و تحويل حياتي إلى جحيم لا يطاق .

حاولت إقناعها مرارا أن ننفصل بالتراضي لأني لم اعد أستطيع تحمل غرامات طلاق الإنشاء بعد طردي من وزارة الثقافة، لكني فشلت ... تركت لها المنزل ذات يوم بحمام الأنف و قفلت راجعا إلى قريتي متعللا أني سأجمع منابي من الزيتون من إرث والدي المرحوم سالم بن عمر ...و أعلمتها أني لن أعود إليها حتى تكف عن التصرفات الرجالية معي .. !? و تعود أنثى قلبا و قالبا ... فصارت تهاتفني كل يوم و تترجاني العودة إليها و تعدني بإصلاح نفسها و أخطائها في حقي ... لكن دون جدوى !? لقد أدخلتني هذه المرأة في حيرة مزمنة ... حتى صرت أعيش الكوابيس بالليل و النهار ، فهجرتها أواخر 1997و أقمت بمدينة سيدي بوعلي و أقامت هي بمنزل والدها ببنزرت ... في شهر ماي 1998 أقنعتني بالسكن معها بمدينة جرزونة قريبا من منزل والدها و كانت في الأشهر الأخيرة من حملها بشيماء ... لكن يبدو أنها كانت تهدف إلى استرجاع بعض أدباشها التي كنت قد أخذتها معي إلى سيدي بوعلي ... إذ بمجرد إقامتنا هناك لأيام انتهزت فرصة خروجي لصلاة العشاء يوم الجمعة 22 ماي 1998 و غادرت المنزل دون رجعة ... و كانت مغادرتها المنزل آخر عهدي بهذه المرأة العجيبة ، إذ استعملت كل الحيل القانونية الممكنة حتى نطلق بالتراضي وهذا ما حدث و الحمد لله .
بقيت مقيما بجرزونة على عكس ما اشتهت السيدة آمال إذ ناشدتني مرارا بعد مغادرتها المنزل و ولادة ابنتي شيماء يوم 19 جوان 1998 أن أعود إلى قريتي !? و كانت تأمل من وراء ذلك أن تتمكن من تحقيق كل مطالبها في مطالب النفقة و غيرها ...حتى تستطيع تكبيلي بأحكام قضائية تجعلني أركع أمامها طلبا للرحمة و إعادتها لي بحسب شروطها هي . !? و حتى لا أستطيع مواصلة إجراءات الطلاق الوضعي الذي يشيب من هوله البنون ... و حصلت بتاريخ 5 نوفمبر 1998 في القضية عدد 14713 التي كنت رفعتها ضد وزارة الثقافة على حكم يقضي بإلغاء قرار الطرد ، و بادرت بإعلام الوزارة بالحكم بتاريخ 17 جويلية 1999إلا أن الوزارة امتنعت عن إرجاعي إلى وظيفتي بحجة أنه يتعذر تطبيق الحكم . !?

رجعت أواخر سنة 2000 إلى قريتي بعدما أنهكتني تجربة الطلاق و التي كادت تدمرني لولا رحمة ربي .. حتى ان قاضي الصلح قد توجه إلى طليقتي مخاطبا إياها بحدة : " لو كنت مكان زوجك لكنت الآن مجنونا متنقلا في شوارع بنزرت حافي القدمين !?" هكذا نطق هذا السيد بعدما عرف خطورة المشاكل التي كادتها لي طليقتي بمعية توتة زوجة أبيها و بتدخل سافر من والدها عون الأمن المتقاعد و الذي ألجمه الله بلجام الصمم بسبب ما اقترفه في حق عباد الله !?
عجيب أمر المرأة في تونس !!! يبدو أن القوانين الوضعية الظالمة التي استنوها للمرأة و للأسرة عموما منذ استقلال تونس تحت مسمى " مجلة الأحوال الشخصية " ( راجع موقع: )
news.maktoob.com/story_list/816369
الحداثة التغريبية المرأة التونسية أتعس نساء أهل الأرض! !?سببب

قد حولت هذا الكائن الذي فطره الله على الرقة و اللطف و الشعور الأكيد بالحاجة الماسة إلى حضن الرجل و سكينته ... قد تحول هذا الكائن تحت تأثير هذه القوانين الوضعية الظالمة إلى كائن شرس أضعاف شراسة الرجل ... ترى بأم عينك ان صفة الحياء و الحشمة قد نزعتها المرأة التونسية عن نفسها حتى صارت كاسية /عارية و قد غيرت خلق الله في لباسها و فكرها و سلوكها ...فتضاعف الطلاق ... و اشتد الصراع بين الرجل و المرأة و كثرت العداوات بين الرجل و المرأة و بين الأخت و أخيها و بين التلميذ و زميلته في المعهد أو الجامعة .. !?كل المجتمع صار يعيش في دوامة من العنف اللفظي و المادي لأنهم بقوانينهم الوضعية الظالمة المتصادمة مع فطرة الخلق صار الكل يخضع لضغوطات أسرية و مهنية واجتماعية حولت حياة الجميع إلى ضنك في العيش و اسودت الدنيا في عيون الجميع وادلهمت الخطوب ... إنه وعد الله يتحقق فينا لأن مجتمعنا حكاما و محكومين قد أعرضوا عن آيات الله و قوانينه التي أمر بإتباعها في تنظيم علاقات بعضنا ببعض . !?لقد جربنا نحن التونسيون القوانين الوضعية الظالمة واقتبس حكامنا ما شاءوا من القوانين الوضعية الأوربية لكن حالنا تزداد سوءا يوما بعد يوم !? و مشاكلنا الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية تزداد تعقيدا حتى استشرى الإدمان بالخمر و المخدرات بين جميع الفئات هروبا من المشاكل و عجزا أمام الأوضاع المأساوية التي صار يعيشها المواطن في كل مكان .لقد أدى بنا تطبيق القوانين الوضعية التي لا تراعي محارم الله و حدوده إلى مهالك لا تحصى و لا تعد واستفردت أقلية ضالة عن هداية الله بكل ثروات البلاد و احتكرت المناصب الفاعلة في المجتمع و النفوذ المطلق حتى غدا الإستبداد سيد الموقف و صار الإستفراد بالرأي سمة غالبة على تصرفات كل أفراد المجتمع و مختلف الفئات الإجتماعية و النخب السياسية و رؤوس الأموال و الأعمال ...
يظن المسلمون في تونس و في سائر بلاد العالم الإسلامي أن القوانين الفطرية التي أوحى الله بها إلى نبيه محمد ص هي قوانين مرحلية تخضع للتطور و الإجتهاد و تختلف باختلاف الزمان و المكان ... فعملوا بعد نيل استقلالهم على اقتباس القوانين العلمانية التي لا تستند في استنباطها على القوانين الإلاهية في القرآن رغم وحدة هذه القوانين الإلاهية منذ نزول آدم عليه السلام إلى الأرض لأنها قوانين فطرية مسطرة بعلم الله منذ الأزل ... فظلوا و أظلوا و تنكبوا عن نور الله و هدايته و بصائره .. فتاهوا في ظلمات بعضها فوق بعض و عوض تحقيق الإستقلال و التقدم الحضاري لبلدانهم و نشر الأمن و الإستقرار بين مواطنيهم تراهم قد ازدادوا ارتكاسا و تخلفا وارتهانا لقوى الإستعمار و الإستكبار العالمي و حولوا بجهلهم و ظلمهم لأنفسهم ثرواتهم و مناجمهم البرية و البحرية و الطاقية إلى فيء منتهب من قوى الإستكبار بأبخس الأثمان و أزهد الأسعار مما حول كل "القادة " و "الزعماء" و الشعوب الإسلامية إلى خدم و عبيد لمن استعمرنا بالأمس القريب . !?
إن قوانين الله المفصلة في القرآن هي قوانين فطرية أزلية لجميع المؤمنين بالله في مختلف الأزمان و الأمكنة لكن إنزال هذه القوانين الأبدية إلى الواقع المعيش للمؤمنين هو تنزيل نسبي و حيني يخضع للتأقلم و مراعاة الظروف الزمانية و المكانية .. فعندما يؤمر المؤمنون في حياة الرسول ص بــــ" و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة " فلا شك أن القوة في ذلك الحين تتمثل أساسا في الخيل و السيف و السهم ... أما في عصرنا الحاضر ف"القوة" تتمثل أساسا في الدبابة و الطائرة الحربية و الصواريخ المتنوعة ... و هكذا فإن كلام الله و أوامره تبقى أوامر و قوانين أبدية يلتزم جميع المؤمنين باتباعها دون تأويل يحيد بها عن الوضوح الذي تتسم به كل أوامر الله و نواهيه في القرآن .أما أوامر الرسول صلى الله عليه و سلم بتعلم الرماية و ركوب الخيل ... فهي أوامر نسبية لا تصلح إلا لأتباعه من المؤمنين في عصره و بالتالي لم تعد صالحة لنا في عصرنا الحاضر مهما أولناها .و هكذا تكون أوامر الله و قوانينه في القرآن / الوحي المعجز هي أوامر و قوانين أزلية مطلقة صالحة لكل زمان و مكان ... أما كلام الرسول و أحاديثه و قراراته و أوامره فهي أوامر نسبية لا تصلح لنا في عصرنا الحاضر. (راجع الرسالة في كتاب : نقد الإستبداد الشرقي عند الكواكبي و أثر التنوير فيه + مشروع بناء حضارة بديلة الصادر عن المطبعة العصرية بتونس 2009 ).
إن تشبث " علماء الدين"في ديارنا الإسلامية بأقوال الرسول ص و تركيزهم عليها دون السعي الجاد لإقامة "دولة التوحيد" التي تنزل كل شريعة الله إلى دنيا المسلمين... في صلب أنظمة علمانية مستبدة لا تحتكم إلى ما أنزل الله يعتبر انحراف كبير عن الإسلام و شرك بالله لا يغتفر و صد عن سبيل الله و كفر به ، وجب على المؤمنين الصادقين مقارعته بالحجة الدامغة لتخليص المسلمين من العنت الذي وقعوا فيه .- راجع موقعي على الأنترنات :
Islam3mille.blogspot.com

إن مغادرة السيدة آمال لمنزلنا بجرزونة شكل لي في البداية صدمة عنيفة و ضربة قاسمة ... ارتأت زوجة أبيها "توتة" أنها ستؤدبني و ستجعلني أركع تحت قدميها و أعتذر عن زواجي من ابنتهم بدون الحصول على رضا أبيها "الحاكم بأمره" .
لكن بعد موافقة صديقي مكرم ابن صاحب المنزل الذي أقيم به ، العمل معه كتاجر متنقل بين حانات مدينة بنزرت و سيطرتي على المصاريف التي كنت أحتاجها للبقاء هناك ، كل ذلك جعلني أشعر براحة كبيرة و أعود شيئا فشيئا إلى طبيعتي الهادئة ، و بدأت أحس لأول مرة منذ زواجي بهذه السيدة العجيبة .. أن الدماء عادت إلى عروقي من جديد ، كمن كان قد غرق في بئر عميقة يتربص به الموت من كل مكان و فجأة تدخلت القدرة الإلاهية لإنقاذي من الموت المحقق .خاطبني صديقي رضا وهو ضابط بالبحرية : - الآن فقط عادت الدماء إلى وجهك يا محمد !? وهو الذي كان يراني من حين لآخر قبل انفصالي عن زوجتي . ثم أردف : – لا شك أنك كنت معقدا من مصاحبة امرأة بدينة بذلك الشكل . !?
بدأت أتعافى رويدا رويدا ... من الكوابيس التي سببتها لي هذه الزيجة الملعونة و التي أهوت بي في مكان سحيق ، خاصة بعدما استطعت احتضان ابنتي شيماء لأول مرة بعد ولادتها بأشهر عديدة !?
قبل عودتي من بنزرت إلى سيدي بوعلي عام 2001، تمكنت من بيع أرض فلاحية ، ثم قمت ببناء بيت بالسانية على أمل أن أقوم بتربية الأرانب و الدواجن العربي و غرس بعض الأعلاف ... لكن يبدو أن القدر قد أبى علي سلوك هذا النهج ، إذ تبين لي بعد جهر البئر و تنظيفه أن الماء المستخرج شديد الملوحة و لا يصلح لأي نوع من الزراعات !? فغادرت إلى ليبيا بعدما تكبدت خسائر فادحة ، ثم عدت دون الحصول على أي عمل يذكر . فعملت حارسا لمؤسسة تربوية بشط مريم ، ثم عاملا بمعمل البلاستيك بسيدي بوعلي ثم قررت شراء حاسوب و تكوين ناد للإعلامية الموجهة للطفل ... و بمجرد أن تناهى للسلط الأمنية نجاحي في هذا المسعى سعت بكل قوة على عرقلة نشاطي ... و قد نجحوا بعدما انسحب شريكي بالمحل وو صاحب بعض أجهزة "البلاي ستيشن " في الإنسحاب تحت "ضغط الأمن" فعملت بجوهرة الساحل مشرفا على مركز عمومي للأنترنات ، فكادوا لي مرة أخرى و أدخلوني السجن يوم 12 ماي 2004 بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد رغم أني لا أملك حسابا بنكيا مطلقا ، و قد حكموا علي بعامين و ثمانية أشهر دون ذنب اقترفته .( راجع البرقية الموجهة لرئاسة الجمهورية التونسية بتاريخ 17 جويلية 2008) !? و قد نشرت هذه البرقية في جريدة الموقف التونسية تحت عنوان : تهم كيدية ضد مدير دار ثقافة ص 8 بتاريخ 12 سبتمبر2008 !?.
لا أعرف بالضبط ما الذي كان يدفع بأمي إلى كسر شوكتي و تحطيم نفسيتي منذ كنت طفلا يافعا !? !? !?.أذكر أني عندما كنت في الرابعة من عمري و كان والدي لا يزال حيا ، انتهزت فرصة دخول أمي إحدى الغرف و أخذت حفنة من البطاطا التي كانت أمي بصدد قليها ، فكان عاقبتي "شحطة قوية " بعصا ، مما أغضب والدي العجوز ... كنت كلما كبرت ازدادت قسوة أمي في معاملتي !?اصطادتني ذات يوم بمساعدة أخي الأكبر سمير و أخذت تنهال علي ضربا على رأسي وهي تصيح : " نحب نجننك... نحب نجننك ... !? كلفتني و أنا تلميذ بالابتدائي ببيع البض المسلوق ب"ريلي القرية " للسياح و المسافرين فجرا !? كما كلفتني دون إخوتي بالوقوف الساعات الطوال أمام البلدية في انتظار السيد طاهر بن خليفة – رئيس البلدية - قصد الحصول منه على مساعدات مالية لسد رمق العيش !? لا أزال أسائل نفسي إلى حد اليوم : لماذا كانت تكلفني أمي دون سائر إخوتي بهكذا أعمال !? و لماذا تبالغ في قسوتها معي !? كنت أتعذب و أتألم بعنف و تنكسر شوكتي إذا ما خاصمتني و قاطعتني لأتفه الأسباب . كان المحفز على كل عذاباتي مع أمي الفكر الديني الذي اعتنقته منذ نعومة أظفاري ، و الذي يصور للإنسان واجب طاعة الوالدين و الإحسان إليهما و إن ...ظلما .. و إن كفرا ... و إن مزقاك إربا ... إربا !? !? !? . لما انتقلت للتعليم الثانوي بدأت في مراجعة هكذا عقلية تصادم الفطرة ... فطرة ميل الإنسان إلى العدل و كراهية الظلم مهما كان مصدره ... فكتبت كراسا أكدت فيه أن طاعة الوالدين غير ملزمة للأبناء إن بان ظلمهما للأبناء و التعدي على حقوقهم ... و دللت على مذهبي بقصة نبينا إبراهيم عليه السلام الذي أعلن هو و أتباعه العداوة و البغضاء لقومهم حتى يعودوا عن كفرهم و ظلمهم ..كما أعلن عليه السلام تبرئه من أبيه آزر . هكذا استطعت أن أخفف عن نفسي حدة ما كنت أستشعره من عذابات مدمرة إثر كل خصومة معها و التي كانت لا تكف عن افتعال الخصومات لأتفه الأسباب . !? لقد أصرت عام الباكالوريا أن لا تتركني أجتاز الإمتحان الذي طالما انتظرته للخروج من القرية ...فتحديتها و اجتزته بنجاح رغم الصدمة العاطفية الأولى التي تسببت فيها حبيبتي رابعة .. !?و تحديتها لما أقمت علاقة وثيقة مع أختي من الأب سالمة و مع كل من كانت تعاديهم أمي . و حصلت على المنحة الجامعية طيلة سنوات دراستي بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي ... كما صرت أعمل لحساب نفسي في العطل الصيفية حتى لا أحتاج إلى مساعدة أحد ... واستطعت بوسائلي الخاصة السفر إلى فرنسا في تربص ب15 يوم ، رغم ما أبداه رئيس مركز الشرطة السيد فتحي من تمنع في تمكيني من جواز السفر . كما تمنعت أمي و أختي سعاد عن إقراضي بعض المال للسفر، فاستعرت من ابن خالتي عائشة التي كانت تطمح للزواج بي ... و هكذا كلما تلبستني مشكلة ، قيض الله لي حلا ...و بدأت تجتاحني مراجعات فكرية في كل المناحي الحياتية و كتبت فصولا مسرحية عن أصحاب الكهف كما كتبت عديد الكراسات التي تتطرق لمختلف المواضيع و قد أحرقت كل هذه الكراسات بفعل فاعل داخل البيت الذي كنت ابتنيته بالسانية بعد دخولي السجن في شهر ماي من عام 2004 ، كما استطعت الاحتفاظ بلوحات قصصية رسمت فيها بعض ذكرياتي بقريتي قبل التحاقي بالجامعة كان عنوانها " ذكريات زمن مضى " (راجع هذه اللوحات في مدونتي :
) Islam 3mille.blogspot.com

إن إحساسي بجرم أمي بحقي و حق إخوتي كان يتعاظم يوما بعد يوم ... كانت كل أفعالها و أقوالها تبرز شخصية معقدة و مريضة قد اجتاحتها الأمراض المزمنة و العلل حتى لم يبق لها من فطرتها التي فطرت عليها شيئا يذكر ، فالأم تمثل في وجدان كل إنسان : الرأفة و الرحمة بأبنائها و التضحية في سبيل نموهم نموا سليما بكل غال و نفيس ، و أمي صارت تصارحني أنها تمقت أبي المتوفى ... بل و أنها ستحطمني بكل ما أوتيت من قوة ... و قد سعت في أكثر من مناسبة إلى تحريض الشرطة و تلفيق التهم ضدي منذ كنت طالبا بل و زعمت مؤخرا- شهر فيفري 2010 - للحرس الوطني أنها أجبرتني على الخروج من منزل والدي بسبب أنشطتي صلب الحركات الإرهابية و أني حتى بعد سكني بالغابة مازال بعض الإرهابيين يترددون علي بالسانية !? و قد استمع لمكيدتها بعض الأغبياء و بحثت يوم 4 فيفري 2010 لمدة تزيد عن الأربع ساعات ثم أطلق سراحي بعد العاشرة ليلا ، و قد اتهمني أحد هؤلاء الأغبياء بأني قد أضعت وقتهم دون فائدة تذكر !?
لقد استغلت أمي صفتها أبشع استغلال ضد فلذة كبدها ... كما استغلت زياراتها لي بالسجن إلى إبداء الشماتة بي .. كما زعمت - بعد خروجي من السجن - أنها قد صرفت علي ما يربو على الألف دينار ... !? و قد أرجعت لها هذا المبلغ و زيادة .. !? لذلك اخترت مقاطعتها إلى الأبد و التبرؤ منها أمام الله .
يوم 12 ماي 2004، استدعتني مصالح الشرطة بسوسة بدعوى الاسترشاد عن عملي الجديد بمركز عمومي للأنترنات بمدينة جوهرة سوسة ، و على إثر إتمام كل الإجابات على كل استفساراتهم وقع إيقافي بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد ، فقمت بإعلام صاحب المركز العمومي للأنترنات السيد رفيق بالعيد و أخي فرج بموضوع إيقافي .. ثم نقلت في نفس اليوم إلى المحكمة الإبتدائية بتونس ثم مباشرة إلى سجن 9 أفريل ... و بعد أخذ و رد وارتباك واستفسار ... علمت أنه محكوم علي بالسجن لمدة عامين و ثمانية أشهر و ثلاثة أيام !? !? لم أصدق ما يحصل لي في البداية واعتقدت أن هناك خطا ما و تشابه في الأسماء ... إلى حين زارني أخي سمير بالسجن و أكد لي صحة الحكم الصادر ضدي . استدعاني السيد مدير السجن بعد أيام قليلة من إيقافي واقترح علي العمل منشطا ثقافيا بالسجن ... لكني رفضت و حاولت إقناعه ببراءتي من التهمة المنسوبة إلي و رجوته نقلي إلى سجن المسعدين بسوسة حتى يستطيع أهلي زيارتي و مساعدتي على تبرئة ساحتي من هكذا تهمة باطلة . !? فنقلت أواخر شهر جوان 2004 إلى سجن المسعدين أين تمكن إخوتي من زيارتي و تعهدوا بمساعدتي على إظهار براءتي . !?
بدا لي السجن غريبا عجيبا ... يظم بين جدرانه أصنافا من المتهمين و المنحرفين و المرتشين ... كل يحدثك بافتخار عن الجريمة التي ارتكبها ... !? كما يصر معظمهم على مواصلة انحرافهم و شذوذهم داخل جدران السجن و يتعهدون بمزيد إتقان انحرافهم و شذوذهم بعد خروجهم من السجن ... و هذا ما يجعل نسبة العود إلى السجون التونسية تفوق نسبة خمسين بالمائة ... !? وهي في ارتفاع مستمر حسب إحصاءات السلط الرسمية !?
بقيت أشهر عديدة لا أصدق ما يحصل لي و أني داخل جدران السجن ... و كانت أحلامي كلها تتراءى لي أني حر طليق ، أبحر عبر الشبكة العنكبوتية إلى مختلف أنحاء العالم . لقد أسعدني أن أرى ذات ليلة في حلمي ما كنت أراه في حلمي خارج أسوار السجن : وهي عثوري على جواهر ثمينة مطمورة تحت حائط و كلما نبشت التراب كنت أعثر على المزيد من هذه الجواهر الثمينة ... فبدأ يداخلني من جديد بعض الإرتياح ... كما استطعت الحصول على سرير منفرد بعدما أرشيت " الكبران " المشرف على الغرفة وهو منحرف في جعبته أكثر من جريمة و أكثر من ثمانية عشر سنة سجن . !? و قد كنت أشترك مع "قروي " سيء الأخلاق و الطباع في نفس السرير، و قد سجن بسبب السرقة . !? كان أملي كل يوم أن يأتي من يناديني للخروج من السجن بعدما كلف إخوتي (2) محاميين للدفاع عني و إثبات براءتي .
شكل دخولي السجن بسبب تهمة باطلة كليا صدمة عنيفة هزت كل كياني ... كما شكل ضربة قاسية و قاسمة لظهر أصبح يستعصي على الإنقسام لكثرة ما اشتدت عليه نوائب الدهر و ملماته منذ زمن بعيد .... !? بدأت استعيد عافيتي النفسية شيئا فشيئا و قد صار لي أصدقاء بالسجن نصلي و نقرأ القرآن و نتجاذب أطراف الحديث في شتى المواضيع و القضايا ... وانتخبني جمع من قدماء نزلاء السجن بالمسعدين لإمامتهم في الصلاة و قراءة القرآن ... كما استفسرت عن تهم كل الذين يساكنونني الغرفة ... و كان أقساهم عقوبة مواطن من مدينة مساكن قد أمضى أكثر من عشر سنوات في السجن بسبب تهمة الإنتماء لحركة النهضة ، قال لي أنهم عثروا في سيارته على سلاح ناري " فرد" لما قفل راجعا من فرنسا عائدا إلى تونس دون أن يكون يعلم بهذا السلاح المخفي في سيارته . !?و قد بدا لي أن مستواه العلمي ضعيف جدا على غير عادة المتهمين بالإنتماء . !? كما كان يحفظ بعض سور من القرآن بطريقة خاطئة في النطق وهو لا يكاد يبين في قراءته ... و يتاجر ببعض حاجيات المساجين ... بدأت أخوض مراجعات عميقة في حياتي لحياتي الفكرية السابقة في كل تفاصيلها شبيهة بمراجعات "ميخائيل نعيمة " لحياته في " اليوم الأخير " و بدأت تتكشف لي فكرة : " أن الله قد أتى بي إلى السجن رحمة منه حتى أجد " الفرصة الملائمة لإعادة تقييم حياتي بما فيها من نجاحات و إخفاقات مرة ... كما تأكد لي أن لا شيء يحدث صدفة في الحياة و إنما كل شيء بقدر خضوعا لنواميس مسطرة من قبل الله لجميع مخلوقاته .. فلا وجود للصدفة مطلقا في حياة البشر .. و حتى دخولي السجن بتهمة باطلة يخفي حكمة إلاهية بدأت تتكشف لي يوما بعد يوم منذ إقامتي بالسجن . إن ما تعلمته و عرفته و سمعت به في بضع أشهر داخل غيبات السجن قد فاق في أهميته كل السنوات التي قضيتها في الحياة . !?
أواخر شهر أكتوبر 2004 طلبتني الشرطة الإقتصادية بالقورجاني فأعادوني إلى سجن 9 أفريل مرة أخرى ، في انتظار البحث معي في القضية الملفقة ضدي . و هناك شاءت الحكمة الإلاهية أن أساكن في نفس الغرفة "ب 2" مجموعة هامة من أعضاء حركة النهضة و على رأسهم الدكتور أحمد الأبيض صاحب كتاب " من أجل حياة جنسية إنسانية و ناجحة " و قد كنت طالعت هذا الكتاب قبل التحاقي بالمعهد العالي للتنشيط الثقافي ... إنها لفرصة ثمينة أن تلتقي بأحد منظري حركة النهضة داخل أسوار السجن و التي كنت أعتبرها حركة إسلامية قد انحرفت عن طهرها و عذريتها بعد عام 1987و قد صارت من بنات المواخير،مما قيض الله لجل أفرادها و قادتها أن يساموا سوء العذاب من قبل النظام الحاكم و يدخلوا السجون التونسية بسبب من انحرافهم عن نهج الرسل عليهم السلام . لذلك وجدت الفرصة سانحة للتهكم على مواقف هذه الحركة تجاه حرية المرأة ... و مجلة الأحوال الشخصية سيئة الصيت ...و التشكيك في مرجعية مواقفها و تبيان أن جل مواقفها المعلنة لا تمت للإسلام و لا لقوانين الله المفصلة في القرآن بصلة ... مما جعل بعض مساجين الحق العام يتبنون مواقفي في مواجهة مواقف حركة النهضة و هم لا يزالون لي أصدقاء منذ زمن .
لقد اكتشفت ذات حوار مع الدكتور الأبيض بأنه لا يؤمن بالملائكة التي يمكن أن تقاتل مع جنود دولة التوحيد ، نافيا بذلك نصوص قرآنية صريحة في هذا الشأن . !? لقد أكدت لي مواقف الدكتور و الزمرة التي تقيم معه من حركة النهضة أن هذه الحركة هي حركة علمانية لا تمت بكبير صلة في مفاهيمها و معتقداتها إلى مفاهيم الدين الإسلامي و معتقدات المؤمنين . !? إذ كيف يتنكر هؤلاء الأزلام – بدعوى العقلانية و التفتح على منجزات العصر – لحقائق الدين و ثوابته و قوانينه الأزلية و التي ذكر بها كل الأنبياء عليهم السلام في مختلف العصور و الأزمان و المثبتة في نصوص القرآن !? إن هؤلاء الأنجاس و الذين ادعوا باطلا تبنيهم للإسلام " منهج حياة " قد خربوا ديارهم بأيديهم و أيدي أنظمة الكفر لما تنكروا لثوابت القرآن و حقائقه الأزلية ... فهلكوا و أهلكوا كل من تبع نهجهم الضال عن هداية الله في القرآن . و لا يزال "هؤلاء الإخوان " الذين تحسبهم جميعا و قلوبهم شتى يعملون معاولهم التخريبية في جسد أمتنا تحت لافتات شتى ... شعارهم الحصول على السلطة مهما كان الثمن !? ماذا فعلوا في السودان أو في فلسطين لما استطاعوا الإستيلاء على السلطة سوى مزيد تفريق الأمة و تأليب الأعداء .
لقد استشعر هؤلاء الإخوان عداوتي لأطروحاتهم فقاطعني جلهم خاصة بعدما صرت أؤلب على مواقفهم الضالة مساجين الحق العام . !?